أحد أسس العلاج الطبي لمرضى شرايين القلب، تناول قرص من الأسبرين يومياً، لأن أمراض شرايين القلب لا تزال السبب الأول للوفيات بين الرجال وبين النساء على المستوى العالمي والمحلي
لأي مجتمع في الشرق أو الغرب، ولأن إتباع طرق الوقاية من الإصابة بأمراض شرايين القلب أثبتت جدواها في تقليل الإصابات بها ابتداءً وفي تقليل حصول مضاعفاتها وتداعيها.
للأسباب المتقدمة وغيرها، فإن السؤال التقليدي والأكثر انتشاراً، خاصة بين متوسطي العمر ممن تجاوزوا سن الأربعين هو:
هل يجب عليّ أن أتناول قرصاً من الأسبرين يومياً؟
وهو سؤال لا يُمكن لأي طبيب أن يُجيب عليه بنعم أو لا، ذلك أن ثمة اليوم أسس علمية وإكلينيكية (سريرية) في تفصيل الإجابة "على مقاس" كل إنسان بذاته.
والأسبرين قد يُفيد البعض، وقد يضر آخرين. وهناك من الأشخاص الذين تجاوزوا سن الخمسين أو الستين لا يتعين عليهم،
في سبيل الوقاية من الإصابة بتداعيات أمراض الشرايين القلبية، تناول الأسبرين. وأشخاص دون سن الأربعين عليهم تناول ذلك القرص يومياً لتلك الغاية.
مما يجب أن يكون واضحاً جداً في الذهن أن الأسبرين لا يمنع مطلقاً ظهور مسببات أمراض القلب، كارتفاع الكولسترول أو ضغط الدم أو الإصابة بالسكري،
كما أنه لا يتدخل مطلقاً في عملية ترسب وتكتل الكولسترول داخل جدران الشرايين، ولذا فهو لا يقي من الإصابة بأمراض شرايين القلب،
بل كل ما يفعله منع حصول أحد أهم تداعيات وجود مرض شرايين القلب، وهو نوبة الجلطة القلبية.
وبرغم مرور أكثر من 100 عام على بدء استخدام حبوب الأسبرين، لا يزال الباحثون يدرسون ويتعرفون على هذا العقار العجيب.
وفي حين أنتجت شركة باير الألمانية كميات قليلة من حبوب الأسبرين لأول مرة في عام 1899، يصل اليوم استهلاك سكان دولة واحدة في العالم، وهي الولايات المتحدة، حوالي 40 مليار قرص سنوياً.
ونحتاج أولاً أن نُدرك ما الذي يُمكن للأسبرين أن يُقدمه لنا؟
وما آلية عمله لذلك؟
وهل من آثار جانبية لتناول الأسبرين بشكل يومي؟
ومنْ سيستفيد من تناوله ومنْ قد يتضرر من ذلك؟،
وما الذي يقصده الأطباء بالوقاية الأولية وبالوقاية المتقدمة؟
وغير ذلك من الأسئلة التي تُعتبر الإجابة عليها أساس فهم الأسبرين وجدواه المحتملة.
وقاية أولية ومتقدمة
أحد المفاهيم الطبية الأساسية في جانب التعامل مع الأمراض وتداعياتها هي الوقاية، ذلك أن التعامل الطبي مع الأمراض في جهود خدمة الناس،
كما هو معلوم، يشمل الوقاية ويشمل العلاج، والعلاج، كما هو معروف أيضاً، موجه نحو أشخاص مرضى، ويشمل كل تعامل طبي يهدف إلى تخفيف حدة إصابتهم بمرض ما أو إزالة تلك الإصابة برمتها عنهم.
أما الوقاية فهي تلك الخطوات التي تهدف إلى حماية الأشخاص السليمين والأصحاء من إصابتهم بالمرض أصلاً،
أو الخطوات التي تعمل بالمحصلة على تجنيب الشخص المُصاب بالمرض، دون أن يعلم، من حصول تداعيات أو مضاعفات لذلك المرض عليه، وبعيداً عن جانب العلاج، لدينا نوعان من الوقاية، وقاية أولية ووقاية متقدمة.
ووقاية الأشخاص الأصحاء من إصابتهم بمرض ما، كمرض تضيق شرايين القلب، أو إصابتهم بأحد تداعياته، كنوبات الجلطة القلبية أو ألم الذبحة الصدرية، تُسمى وقاية أولية،
بمعنى أن محاولة منع إصابة شخص سليم بمرض شرايين القلب، أو منع إصابته المفاجأة بأحد تداعياته، تُسمى وقاية أولية.
أما محاولة حماية منْ أُصيب بمرض الشرايين القلبية، من تكرار حصول أحد تداعياتها أو مضاعفاتها، فتُسمى وقاية متقدمة، لأننا نعلم أن لديه ذلك المرض وعلينا أن نُجنبه أضراره أو المزيد من المعاناة منه.
أمراض شرايين القلب
تشير إحصائيات الولايات المتحدة، إلى أن معدلات الإصابة بأمراض الشرايين القلبية تتجاوز 14 مليون شخص، ما بين مُصاب بجلطة قلبية وبآلام الذبحة الصدرية،
وتشكل الوفيات بأمراض القلب، أعلى سبب بنسبة تتجاوز 37% من مجمل أسباب الوفيات، ووفق تقارير رابطة القلب الأميركية،
تبلغ كلفة معالجة مرضى القلب في الولايات المتحدة فقط، دون بقية دول العالم، حوالي 403.1 مليار دولار سنوياً.
كما تُؤكد تقارير منظمة الصحة العالمية، أن الوفيات بأسباب أمراض الشرايين في مجمل مناطق العالم تقارب النسبة الأميركية، حيث تبلغ وفيات القلب والشرايين تقريبا نسبة 32% من بين الوفيات العالمية سنويا.
والمقصود بأمراض شرايين القلب هو ذلك النشوء غير الطبيعي لتضيقات داخل مجاري الشرايين التاجية. وحينما ينشأ الضيق في مجرى الشريان فإن كمية الدم التي تصل إلى العضلة تقل، أو ربما تنعدم تماماً.
والأمر يحتاج إلى توضيح بسيط ومهم. ومفاده أن ما يحصل هو ترسب كميات من مادة الكولسترول الشمعية داخل طبقات جدار الشريان نفسه.
وتتم عملية تراكم الترسبات بشكل تدريجي، وعبر سنوات. وثمة مؤشرات علمية على أن عملية الترسب هذه قد تبدأ لدى البعض في مرحلة العشرينيات من العمر، لتظهر كمرض شرايين القلب في مراحل ما بعد الأربعين.
والحقيقة أبعد من هذا، إذْ ثمة أطفال اليوم تبدأ لديهم الترسبات خلال سن العاشرة وما بعدها، لتظهر عليهم أمراض شرايين القلب التاجية حتى قبل العشرين!
ولا غرو في حصول ذلك مع انتشار السمنة بين الأطفال وكثرة تناولهم للأطعمة السريعة وقلة نشاطهم البدني وظهور النوع الثاني من السكري بينهم في عمر مبكر جداً.
عوامل خطورة الإصابة
وهناك عوامل عدة، تُدعى عوامل خطورة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية، يُؤدي وجودها لدى إنسان ما إلى ارتفاع احتمالات إصابته بها أو بتداعياتها،
وتشمل، بالإضافة إلى التقدم في العمر وكون المرء ذكراً وبلوغ النساء لسن اليأس،
العناصر التالية:
- ارتفاع نسبة كولسترول الدم، وتحديداً ارتفاع الكولسترول الخفيف وارتفاع الدهون الثلاثية.
- ارتفاع ضغط الدم.
- مرض السكري.
- التدخين.
- السمنة.
- قلة النشاط البدني.
- التوتر النفسي.
- تناول الكحول.
- وجود تاريخ عائلي لإصابة أحد الأقارب القريبين بجلطة في القلب في سن مبكر، أي قبل سن 55 بالنسبة للرجل، وقبل سن 65 بالنسبة للمرأة.
ومن عناصر الوقاية الأولية من الإصابة بأمراض الشرايين القلبية، تناول الأسبرين بشكل يومي، بالإضافة إلى الاهتمام بوزن الجسم وضبط نسبة سكر وكولسترول وضغط الدم، وممارسة الرياضة البدنية.
عمل الأسبرين
والأسبرين، أحد العقاقير المستخلصة بالأصل من لحاء أشجار الصفصاف، وهو اللحاء الذي تحدث أيبوقراط قديماً عن فاعلية تناوله في تخفيف الألم، ومنذ بدايات النصف الثاني للقرن التاسع عشر بدأت بحوث
المختبرات في محاولة استخلاص المادة الفاعلة في لحاء أشجار الصفصاف، وتم عزل مادة السليسيليت، إلا أنها كانت عالية في درجة حموضتها، ما يُصعّب تناولها على الإنسان.
وتدخل العلماء الفرنسيون ثم الألمان لحل هذه المعضلة، وتوصلوا إلى استخلاص مادة نقية من الأسبرين، ومتدنية في درجة حموضتها.
وكان أن بدات شركة باير الألمانية إنتاج حبوب الأسبرين في عام 1899،
وتم استخدامه كمسكّن للألم وخافض لدرجة حرارة الجسم. واستمر الأمر كذلك إلى منتصف القرن العشرين،
وحينها لاحظ أحد أطباء كاليفورنيا أن معدلات الإصابة بالجلطة القلبية بين متناولي الأسبرين أقل مما هو بين عامة الناس.
وبعد إجراء دراسات وبحوث طبية، تم التأكد من فاعلية الأسبرين في منع حصول الجلطات القلبية، وأصبح من الروتيني وصف الأسبرين لمرضى شرايين القلب.
ويعمل الأسبرين على وقف نشاط أنزيمين مهمين في حصول عمليات الالتهابات، هما أنزيم كوكس-1 وأنزيم كوكس-2، والأنزيم،
كما هو معلوم، وصف يتخذه العلماء لتصنيف المادة الكيميائية العاملة على إتمام حصول تفاعل كيميائي ما.
ولذا يعمل الأسبرين على:
- خفض حرارة الجسم، عبر عمله على أنزيم كوكس-2 في الدماغ، ما يمنع إنتاجه المزيد من مادة
بروستاغلاندين، وهذه المادة تعمل بالأصل على إثارة عملية تفاعل جهاز مناعة الجسم وإفرازها للمواد التي تثير المركز الدماغي المعني بتنظيم وضبط حرارة الجسم.
- تخفيف الألم، وخاصة الناجم عن الالتهابات وغيرها، عبر ضبطه إفراز مادة بروستاغلاندين أيضاً، وهذه المادة تعمل أيضاً على رفع درجة الإحساس بالألم في الخلايا العصبية.
- منع حصول تداعيات أمراض الشرايين القلبية، ويتم عبر ثلاث آليات مهمة.
الأولى، تقليل رغبة وقدرة الصفائح الدموية في الالتصاق على بعضها البعض واستجابتها لمثيرات ذلك الترسب، وذلك عبر منع نشاط أنزيم كوكس-1.
والثانية، عمل الأسبرين على عدم انقباض الشرايين حال حصول أي مشاكل داخلها.
والثالثة، عبر تخفيف الأسبرين من حدة عمليات الالتهابات التي تنشأ في كتلة الترسب الكولسترولية داخل جدار الشريان.
الآثار السلبية للأسبرين
لا يُوجد في الدنيا عقار دون أي آثار جانبية أو تفاعلات عكسية، وتتفاوت تلك الآثار والتفاعلات في مدى ضررها على الإنسان،
والأسبرين أحد الأدوية التي يُمكن أن يكون لها آثاراً سلبية وتفاعلات عكسية بالغة جداً، إلى حد تهديد سلامة حياة الإنسان.
وللباحثين من مايو كلينك جملة مهمة، قالوا فيها: لو كان لديك أحد عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب فلا تندفع بقوة لفتح عبوة الأسبرين لتناول قرص منها،
والسبب أن هناك أدوية تتعارض مع الأسبرين، مثل حبوب الوارفرين لزيادة سيولة الدم، والأهم هي ما تُوصف مجازاً بـ "أدوية"، ومكونة من خلطات عشبية شعبية،
وهنا يجب مراجعة الطبيب وإخباره عن تناول مثل هذه المستحضرات، لأن منها، مثل حبوب الثوم وغيره، ما يُؤثر سلبياً على تجلط الدم.
وتلخص المصادر الطبية مخاطر تناول الأسبرين في العناصر التالية:
- سكتة المخ الناجمة عن النزيف الدماغي.
- نزيف المعدة.
- تفاعلات الحساسية بدرجات خطرة.
- طنين الأذن وتدني قدرات السمع.
كما أن متناولي الأسبرين يومياً عليهم إخبار أطباء الجراحة أو الأسنان قبل خضوعهم لأي عمليات جراحية أو في الأسنان،
تحسباً لأي مضاعفات في نزيف الدم خلال أي منها، كما أن مخاطر الأسبرين على المعدة، وخاصة احتمالات حصول النزيف ترتفع بين متناولي المشروبات الكحولية، وهو ما تُؤكده إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
والسبب في ارتفاع احتمالات نزيف المعدة، عند تناول الأسبرين يومياً، هو أن من مهمات أنزيم كوكس-1 العمل على تكوين طبقة من البطانة الواقية لجدار المعدة.
ولدى منع هذا الأنزيم من العمل، بفعل الأسبرين، فإن حماية المعدة تتدني، وترتفع احتمالات حصول القروح والالتهابات فيها، ما قد يُؤدي إلى نزيف المعدة.
وتلخص المصادر الطبية منْ عليهم عدم تناول الأسبرين، بأنهم منْ لديهم أحد أمراض نزيف الدم، أي اضطرابات تخثر الدم، ومرضى الربو، ومرضى قرحة المعدة، وأحياناً بعض مرضى فشل القلب.
لأي مجتمع في الشرق أو الغرب، ولأن إتباع طرق الوقاية من الإصابة بأمراض شرايين القلب أثبتت جدواها في تقليل الإصابات بها ابتداءً وفي تقليل حصول مضاعفاتها وتداعيها.
للأسباب المتقدمة وغيرها، فإن السؤال التقليدي والأكثر انتشاراً، خاصة بين متوسطي العمر ممن تجاوزوا سن الأربعين هو:
هل يجب عليّ أن أتناول قرصاً من الأسبرين يومياً؟
وهو سؤال لا يُمكن لأي طبيب أن يُجيب عليه بنعم أو لا، ذلك أن ثمة اليوم أسس علمية وإكلينيكية (سريرية) في تفصيل الإجابة "على مقاس" كل إنسان بذاته.
والأسبرين قد يُفيد البعض، وقد يضر آخرين. وهناك من الأشخاص الذين تجاوزوا سن الخمسين أو الستين لا يتعين عليهم،
في سبيل الوقاية من الإصابة بتداعيات أمراض الشرايين القلبية، تناول الأسبرين. وأشخاص دون سن الأربعين عليهم تناول ذلك القرص يومياً لتلك الغاية.
مما يجب أن يكون واضحاً جداً في الذهن أن الأسبرين لا يمنع مطلقاً ظهور مسببات أمراض القلب، كارتفاع الكولسترول أو ضغط الدم أو الإصابة بالسكري،
كما أنه لا يتدخل مطلقاً في عملية ترسب وتكتل الكولسترول داخل جدران الشرايين، ولذا فهو لا يقي من الإصابة بأمراض شرايين القلب،
بل كل ما يفعله منع حصول أحد أهم تداعيات وجود مرض شرايين القلب، وهو نوبة الجلطة القلبية.
وبرغم مرور أكثر من 100 عام على بدء استخدام حبوب الأسبرين، لا يزال الباحثون يدرسون ويتعرفون على هذا العقار العجيب.
وفي حين أنتجت شركة باير الألمانية كميات قليلة من حبوب الأسبرين لأول مرة في عام 1899، يصل اليوم استهلاك سكان دولة واحدة في العالم، وهي الولايات المتحدة، حوالي 40 مليار قرص سنوياً.
ونحتاج أولاً أن نُدرك ما الذي يُمكن للأسبرين أن يُقدمه لنا؟
وما آلية عمله لذلك؟
وهل من آثار جانبية لتناول الأسبرين بشكل يومي؟
ومنْ سيستفيد من تناوله ومنْ قد يتضرر من ذلك؟،
وما الذي يقصده الأطباء بالوقاية الأولية وبالوقاية المتقدمة؟
وغير ذلك من الأسئلة التي تُعتبر الإجابة عليها أساس فهم الأسبرين وجدواه المحتملة.
وقاية أولية ومتقدمة
أحد المفاهيم الطبية الأساسية في جانب التعامل مع الأمراض وتداعياتها هي الوقاية، ذلك أن التعامل الطبي مع الأمراض في جهود خدمة الناس،
كما هو معلوم، يشمل الوقاية ويشمل العلاج، والعلاج، كما هو معروف أيضاً، موجه نحو أشخاص مرضى، ويشمل كل تعامل طبي يهدف إلى تخفيف حدة إصابتهم بمرض ما أو إزالة تلك الإصابة برمتها عنهم.
أما الوقاية فهي تلك الخطوات التي تهدف إلى حماية الأشخاص السليمين والأصحاء من إصابتهم بالمرض أصلاً،
أو الخطوات التي تعمل بالمحصلة على تجنيب الشخص المُصاب بالمرض، دون أن يعلم، من حصول تداعيات أو مضاعفات لذلك المرض عليه، وبعيداً عن جانب العلاج، لدينا نوعان من الوقاية، وقاية أولية ووقاية متقدمة.
ووقاية الأشخاص الأصحاء من إصابتهم بمرض ما، كمرض تضيق شرايين القلب، أو إصابتهم بأحد تداعياته، كنوبات الجلطة القلبية أو ألم الذبحة الصدرية، تُسمى وقاية أولية،
بمعنى أن محاولة منع إصابة شخص سليم بمرض شرايين القلب، أو منع إصابته المفاجأة بأحد تداعياته، تُسمى وقاية أولية.
أما محاولة حماية منْ أُصيب بمرض الشرايين القلبية، من تكرار حصول أحد تداعياتها أو مضاعفاتها، فتُسمى وقاية متقدمة، لأننا نعلم أن لديه ذلك المرض وعلينا أن نُجنبه أضراره أو المزيد من المعاناة منه.
أمراض شرايين القلب
تشير إحصائيات الولايات المتحدة، إلى أن معدلات الإصابة بأمراض الشرايين القلبية تتجاوز 14 مليون شخص، ما بين مُصاب بجلطة قلبية وبآلام الذبحة الصدرية،
وتشكل الوفيات بأمراض القلب، أعلى سبب بنسبة تتجاوز 37% من مجمل أسباب الوفيات، ووفق تقارير رابطة القلب الأميركية،
تبلغ كلفة معالجة مرضى القلب في الولايات المتحدة فقط، دون بقية دول العالم، حوالي 403.1 مليار دولار سنوياً.
كما تُؤكد تقارير منظمة الصحة العالمية، أن الوفيات بأسباب أمراض الشرايين في مجمل مناطق العالم تقارب النسبة الأميركية، حيث تبلغ وفيات القلب والشرايين تقريبا نسبة 32% من بين الوفيات العالمية سنويا.
والمقصود بأمراض شرايين القلب هو ذلك النشوء غير الطبيعي لتضيقات داخل مجاري الشرايين التاجية. وحينما ينشأ الضيق في مجرى الشريان فإن كمية الدم التي تصل إلى العضلة تقل، أو ربما تنعدم تماماً.
والأمر يحتاج إلى توضيح بسيط ومهم. ومفاده أن ما يحصل هو ترسب كميات من مادة الكولسترول الشمعية داخل طبقات جدار الشريان نفسه.
وتتم عملية تراكم الترسبات بشكل تدريجي، وعبر سنوات. وثمة مؤشرات علمية على أن عملية الترسب هذه قد تبدأ لدى البعض في مرحلة العشرينيات من العمر، لتظهر كمرض شرايين القلب في مراحل ما بعد الأربعين.
والحقيقة أبعد من هذا، إذْ ثمة أطفال اليوم تبدأ لديهم الترسبات خلال سن العاشرة وما بعدها، لتظهر عليهم أمراض شرايين القلب التاجية حتى قبل العشرين!
ولا غرو في حصول ذلك مع انتشار السمنة بين الأطفال وكثرة تناولهم للأطعمة السريعة وقلة نشاطهم البدني وظهور النوع الثاني من السكري بينهم في عمر مبكر جداً.
عوامل خطورة الإصابة
وهناك عوامل عدة، تُدعى عوامل خطورة الإصابة بأمراض الشرايين القلبية، يُؤدي وجودها لدى إنسان ما إلى ارتفاع احتمالات إصابته بها أو بتداعياتها،
وتشمل، بالإضافة إلى التقدم في العمر وكون المرء ذكراً وبلوغ النساء لسن اليأس،
العناصر التالية:
- ارتفاع نسبة كولسترول الدم، وتحديداً ارتفاع الكولسترول الخفيف وارتفاع الدهون الثلاثية.
- ارتفاع ضغط الدم.
- مرض السكري.
- التدخين.
- السمنة.
- قلة النشاط البدني.
- التوتر النفسي.
- تناول الكحول.
- وجود تاريخ عائلي لإصابة أحد الأقارب القريبين بجلطة في القلب في سن مبكر، أي قبل سن 55 بالنسبة للرجل، وقبل سن 65 بالنسبة للمرأة.
ومن عناصر الوقاية الأولية من الإصابة بأمراض الشرايين القلبية، تناول الأسبرين بشكل يومي، بالإضافة إلى الاهتمام بوزن الجسم وضبط نسبة سكر وكولسترول وضغط الدم، وممارسة الرياضة البدنية.
عمل الأسبرين
والأسبرين، أحد العقاقير المستخلصة بالأصل من لحاء أشجار الصفصاف، وهو اللحاء الذي تحدث أيبوقراط قديماً عن فاعلية تناوله في تخفيف الألم، ومنذ بدايات النصف الثاني للقرن التاسع عشر بدأت بحوث
المختبرات في محاولة استخلاص المادة الفاعلة في لحاء أشجار الصفصاف، وتم عزل مادة السليسيليت، إلا أنها كانت عالية في درجة حموضتها، ما يُصعّب تناولها على الإنسان.
وتدخل العلماء الفرنسيون ثم الألمان لحل هذه المعضلة، وتوصلوا إلى استخلاص مادة نقية من الأسبرين، ومتدنية في درجة حموضتها.
وكان أن بدات شركة باير الألمانية إنتاج حبوب الأسبرين في عام 1899،
وتم استخدامه كمسكّن للألم وخافض لدرجة حرارة الجسم. واستمر الأمر كذلك إلى منتصف القرن العشرين،
وحينها لاحظ أحد أطباء كاليفورنيا أن معدلات الإصابة بالجلطة القلبية بين متناولي الأسبرين أقل مما هو بين عامة الناس.
وبعد إجراء دراسات وبحوث طبية، تم التأكد من فاعلية الأسبرين في منع حصول الجلطات القلبية، وأصبح من الروتيني وصف الأسبرين لمرضى شرايين القلب.
ويعمل الأسبرين على وقف نشاط أنزيمين مهمين في حصول عمليات الالتهابات، هما أنزيم كوكس-1 وأنزيم كوكس-2، والأنزيم،
كما هو معلوم، وصف يتخذه العلماء لتصنيف المادة الكيميائية العاملة على إتمام حصول تفاعل كيميائي ما.
ولذا يعمل الأسبرين على:
- خفض حرارة الجسم، عبر عمله على أنزيم كوكس-2 في الدماغ، ما يمنع إنتاجه المزيد من مادة
بروستاغلاندين، وهذه المادة تعمل بالأصل على إثارة عملية تفاعل جهاز مناعة الجسم وإفرازها للمواد التي تثير المركز الدماغي المعني بتنظيم وضبط حرارة الجسم.
- تخفيف الألم، وخاصة الناجم عن الالتهابات وغيرها، عبر ضبطه إفراز مادة بروستاغلاندين أيضاً، وهذه المادة تعمل أيضاً على رفع درجة الإحساس بالألم في الخلايا العصبية.
- منع حصول تداعيات أمراض الشرايين القلبية، ويتم عبر ثلاث آليات مهمة.
الأولى، تقليل رغبة وقدرة الصفائح الدموية في الالتصاق على بعضها البعض واستجابتها لمثيرات ذلك الترسب، وذلك عبر منع نشاط أنزيم كوكس-1.
والثانية، عمل الأسبرين على عدم انقباض الشرايين حال حصول أي مشاكل داخلها.
والثالثة، عبر تخفيف الأسبرين من حدة عمليات الالتهابات التي تنشأ في كتلة الترسب الكولسترولية داخل جدار الشريان.
الآثار السلبية للأسبرين
لا يُوجد في الدنيا عقار دون أي آثار جانبية أو تفاعلات عكسية، وتتفاوت تلك الآثار والتفاعلات في مدى ضررها على الإنسان،
والأسبرين أحد الأدوية التي يُمكن أن يكون لها آثاراً سلبية وتفاعلات عكسية بالغة جداً، إلى حد تهديد سلامة حياة الإنسان.
وللباحثين من مايو كلينك جملة مهمة، قالوا فيها: لو كان لديك أحد عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب فلا تندفع بقوة لفتح عبوة الأسبرين لتناول قرص منها،
والسبب أن هناك أدوية تتعارض مع الأسبرين، مثل حبوب الوارفرين لزيادة سيولة الدم، والأهم هي ما تُوصف مجازاً بـ "أدوية"، ومكونة من خلطات عشبية شعبية،
وهنا يجب مراجعة الطبيب وإخباره عن تناول مثل هذه المستحضرات، لأن منها، مثل حبوب الثوم وغيره، ما يُؤثر سلبياً على تجلط الدم.
وتلخص المصادر الطبية مخاطر تناول الأسبرين في العناصر التالية:
- سكتة المخ الناجمة عن النزيف الدماغي.
- نزيف المعدة.
- تفاعلات الحساسية بدرجات خطرة.
- طنين الأذن وتدني قدرات السمع.
كما أن متناولي الأسبرين يومياً عليهم إخبار أطباء الجراحة أو الأسنان قبل خضوعهم لأي عمليات جراحية أو في الأسنان،
تحسباً لأي مضاعفات في نزيف الدم خلال أي منها، كما أن مخاطر الأسبرين على المعدة، وخاصة احتمالات حصول النزيف ترتفع بين متناولي المشروبات الكحولية، وهو ما تُؤكده إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
والسبب في ارتفاع احتمالات نزيف المعدة، عند تناول الأسبرين يومياً، هو أن من مهمات أنزيم كوكس-1 العمل على تكوين طبقة من البطانة الواقية لجدار المعدة.
ولدى منع هذا الأنزيم من العمل، بفعل الأسبرين، فإن حماية المعدة تتدني، وترتفع احتمالات حصول القروح والالتهابات فيها، ما قد يُؤدي إلى نزيف المعدة.
وتلخص المصادر الطبية منْ عليهم عدم تناول الأسبرين، بأنهم منْ لديهم أحد أمراض نزيف الدم، أي اضطرابات تخثر الدم، ومرضى الربو، ومرضى قرحة المعدة، وأحياناً بعض مرضى فشل القلب.